تنتهك وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي أحيانا مبدأ “خصوصية” الاطفال من خلال نشر صور أو مقاطع فيديو يمكنها ان تؤثر عليهم وعلى مستقبلهم. هل سألتم يوما عن سبب مناشدة بعض الاهالي او الناشطين لوقف تناقل صورة او فيديو بطله طفل؟
انتشار فيديوهات على صفحات التواصل
مؤخرا، سُرّب مقطع فيديو يظهر حادثة تنمّر حصلت في مدرسة في لبنان . انتشر الفيديو على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي وعلى بعض المواقع الاخبارية لمناشدة وزارة التربية والتعليم العالي التي تحرّكت لمتابعة الموضوع. وعلى الفور بدأت المطالبات بوقف تداول هذا الفيديو احتراماً للطفل ولتخفيف الضرر الاني والمستقبلي عليه. وذلك لأن كشف هوية الطفل وصورته في هذه الحالة، سيعرضه للمضايقات من الاخرين وسيؤثر عليه عندما سيتصفّح مواقع التواصل الاجتماعي ويرى العنف الذي تعرض له من جديد. وسيعرقل ربما المتابعة والجهود المبذولة لمعالجة ما نتج عن هذه الحادثة في حياته.
ان هذا الفيديو مثل من بين أمثلة كثيرة عن صور ومشاهد من الأفضل عدم نشرها. فخلال أزمة كورونا، وبعد انفجار مرفأ بيروت ومع اشتداد الأزمة الاقتصادية في لبنان، كثر دخول الصحافيين الى المنازل في تغطيات مباشرة او لاعداد تقارير ستنشر لاحقا. وبعض التقارير لم تلتزم بحماية الأطفال من خلال عدم الكشف عن صورتهم، أو تجنب تصويرهم في حالات حرجة مثل الخوف، الحزن او العنف… بعد الانفجار طالب أهل ألكساندرا الشهيدة البالغة 4 سنوات، بعدم نشر صورها التي ايضاً قد انتشرت بطريقة هائلة.
وان عدم احترام حقوق الأطفال يظهر أيضا في التقارير التي تناولت موضوع عمالة الأطفال أو تلك التي أجريت خلالها مقابلات مع أطفال “متروكين” في الشوارع من دون تغطية أوجه الأطفال ومع كشف تفاصيل تعرّف عنهم. هنا، تكون حياة الطفل ومستقبله بخطر، لأن هذه التسجيلات المنشورة سترافقه طيلة حياته حتى لو تحسّنت ظروفه.
التعلم عن بعد لم يساعد على احترام خصوصيات الأطفال
خلال أزمة كورونا ومع اعتماد التعليم عن بعد، بدأت بعض المدارس تطلب من تلاميذها تصوير مقاطع فيديو او صور خلال تأديتهم واجب مدرسي. هل تعرفون ان هذا الطلب ان لم يتم بموافقة الأهل يعارض حق خصوصية الطفل؟
كما ان بعض الاولاد كانوا يلتقطون (screenshot ) للصف الافتراضي على zoom مثلاً ويسخرون من الاضعف منهم ويستعملون الصور ك emoji في whatsapp.
علم النفس لا يحبّذ عدم احترام خصوصية ضحايا التنمر
بحديث أعطته الأخصائية في علم النفس هلا كرباج لـالزميلة فتون رعد عبر ”المفكرة” تقول: أنّه ليس محبّذاً البتّة أن يعود الطفل الذي تعرّض لتجربة مؤلمة ويستعيد أيّ أمرٍ يتعلّق بالحادثة ويخاصة في الإعلام فهذا يزيد عنده الإحساس بالإستغلال”.
“أما في حال طلب الظهور على الإعلام في إطار مساره العلاجي فهذا أمرٌ آخر كلياً. وهنا من الضروري التأكد من قبل الإعلامي أنه تتم متابعته ومعالجته كما والتأكد أنّ هناك من سيسانده علمياً في حال انهار إثر استعادة تفاصيل ما حصل معه أو وُضع في جو يذكّره بالحادثة”.
وإثر حادثة اعتداء جنسي على ولد عمره 11 سنة ، تقول كرباج أنّ أحد عوارض اضطراب ما بعد الصدمة يأتي بعد استعادة الحادثة أو أن يوضع الضحية في حالة مرتبطة بحادثة الاعتداء، ما يؤدي إلى أزمة نفسية حادة قد تصل أحياناً إلى حد الانتحار نتيجة الشعور بالذنب أو الشعور بالخجل وهذا كلّه يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار من قبل الإعلامي والوسيلة الإعلامية”.
وتجري مناقشة مشروع قانون آخر لتحديث قانون حماية خصوصية الأطفال والمراهقين على الإنترنت (Coppa) لمنع شركات التكنولوجيا من جمع بيانات المستخدمين الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و15 عاماً دون موافقة صريحة، وإلزام الشركات بحذف البيانات إذا طلب منها ذلك.
(11)
— عربي بوست (@arabic_post) November 1, 2021
هل يعترف لبنان بخصوصية الأطفال؟
صادق لبنان على إتفاقية حقوق الطفل بتاريخ 20/10/1990، كما صادق على البروتوكول الإختياري الملحق بإتفاقية حقوق الطفل بشأن بيع الأطفال وبغاء الأطفال والمواد الإباحية عن الأطفال بموجب القانون رقم 414 تاريخ 5/6/2002.
الحق في الخصوصية”
75- يرعى قانون العقوبات اللبناني وقانون أصول المحاكمات الجزائية حماية خصوصية الافراد وعدم التعرض لخصوصياتهم أو المسّ بمتعلقاتهم الشخصية أو سمعتهم. كما حظر قانون الأحداث رقم 422/2002 نشر صورة الحدث ونشر وقائع التحقيق والمحاكمة وفرض عقوبات على المخالفين.”
تنصّ المادة 16 من اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الأمم المتحدة وبحسب النسخة المخصصة للأطفال على أنه “يحق لكل طفل التمتع بالخصوصية وعلى القانون أن يحمي خصوصية الاطفال وان يحمي عائلاتهم وبيوتهم واتصالاتهم وسمعتهم من اي اعتداء.” ولا بد من الاشارة الى أن لبنان صادق على هذه الاتفاقية وبالتالي يتمتع الموجودون على الاراضي اللبنانية وهم ما دون 18 سنة بهذا الحق. ولكن ما ينقص في لبنان هو المحاسبة والالتزام بتطبيق هذه الاتفاقية بشكل فاعل أكثر.
خصوصية الطفل تعني حرية القرار بالنشر ام لا ما هو مرتبط به وبعائلته. وأهل الطفل أو المسؤولون عنه هم من يأخذ القرار بهذا الخصوص. احترام هذا الحق مهمّ جدا كي ينمو الطفل بشكل سليم بعيدا عن التنمر والمضايقات وكي يكون مستقبله صفحة بيضاء يكتب عليها ما يريده من أحلام وأهداف.
خصوصيتكم حق من حقوقكم، ان لم يحترمها الكبار من حولكم أخبروهم عن المادة 16 من اتفاقية حقوق الطفل واقرأوا هذه الاتفاقية كي تكتشفوا حقوقكم الاخرى.
التعليقات (0)