ثقافات

حرية التعبير في لبنان؟ نعم، لكن أين وكيف؟

لبنان | أُلقي الأسبوع الماضي القبض على رجل لقوله مزحة سيئة. بشارة الأسمر، ربما تكون قد سمعت أو قرأت اسمه في هذين اليومين. تم تصوير رئيس الاتحاد العمالي العام في لبنان وهو يقول مزحة مهينة بحق البطريرك صفير، وهو رجل دين كان قد توفي قبل أيام قليلة، وكلّفته هذه المزحة كثيرًا: مذكرة توقيف، واستقالة… انطلق إثر هذه الحادثة جدل واسع على شبكات التواصل الاجتماعية. هل يمكن القبض علينا بسبب مزحة مهينة؟ في لبنان، هل حرية التعبير محمية؟ متى وكيف؟ توضح لنا هذه المسألة محاميّة “يومكُم” السيّدة سُليمة الراسي.

ما هو القدح والذم؟

جريمتان يعاقب عليهما القانون ويمكنك ارتكابهما في أي وقت، وأحيانًا من دون إدراك أنك تقوم بذلك في مكان يُعتبر عامًّا أو على شبكات التواصل الاجتماعية.

الفرق بين القدح والذم:

في القانون اللبناني، القدح هو تشهير أو إهانة موجهة إلى شخص ما، تنال من شرفه أو كرامته (مثل التشهير بأحدٍ ما بسبب لون البشرة، أو متعلقة بانتماءاته…)

الذم هو كلامٌ موجه إلى شخص ما، يكون مبتذلًا، أو مهينًا، أو يقلل من شأن الآخر.

طبيعة الفعل:

تُقترف جريمة القدح والذم ضد شخص ما عن طريق التصرفات السيئة تجاهه، أو من خلال الكلام، أو الصراخ، أو من خلال رسم، أو صورة، أو فيديو، أو صورة كاريكاتورية، أو عبر مقال تشهيري.

طريقة الانتشار:

لكي تُعتبر الإهانة قدحًا أم ذمًّا يجب أن تُقال في مكان عام، أو مكان مفتوح للجمهور (شاطئ البحر، حفل موسيقي…)، حتى الرسالة المرسلة إلى مجموعة على شبكات التواصل الاجتماعية كفيسبوك وتطبيق واتساب تُعتبر مُرسلة في مكان عام، يمكن للإهانة أن تنتشر في مكان عام أيضًا من خلال أداة من الممكن بيعها كصورة أو رسم أو إنتاج فيديو…

باختصار، إنّ وسائل انتشار الإهانة غامضة للغاية، وتختلف عقوبة ارتكاب جريمة القدح والذم بحسب اختلاف صفة الشخص التي تم توجيه الإهانات إليه، أي أنّ عقوبة جريمة القدح والذم ضد شخص عام تختلف عن تلك الموجهة إلى شخص خاص.

على سبيل المثال، عند تشويه سمعة رئيس الجمهورية تعاقب بالسجن لمدة تتراوح بين شهرين وسنتين، حتى ولو كان ما تقوله صحيح؛ فإنّك ستتعرّض للسجن لمدة شهر إلى سنة واحدة.

إن تشهير أو إهانة المحاكم، أو القضاة، أو مؤسسات الدولة، أو الجيش، أو المكاتب العامة، أو الموظفين العموميين أثناء أداء واجباتهم يجعلك عُرضة لعقوبة تصل إلى عام في السجن.

إذا كان المقصود بالتشهير أو الإهانة، شخص عادي فإن العقوبة لا تتجاوز ثلاثة أشهر في السجن، مع غرامة مالية (مبلغ من المال يُدفع) وهذا بموجب عدة شروط:

إذا لم يكن الفعل عامًّا، يتم تطبيق العقوبة المالية فقط، وذلك في حال ارتُكب الفعل بين مجموعة صغيرة أو بين الأصدقاء أو في مكان خاص.

لقد حددت الاجتهادات القضائية أنّ التعليق المنشور على صفحة فيسبوك خاصة (أي عندما تظهر صورة الشخصين-المستند الأوّل) لا يكون تعليقًا عامًّا وتنتطبق عليه العقوبة الماليّة فقط، في حين إنّ التعليق المنشور على صفحة فيسبوك عامّة (أي عندما نرى الكرة الأرضيّة) فيعتبر التعليق عامًّا.

 

المستند الأوّل

إذا كانت الإهانة ردَّ فعل على عمل غير عادل أو إهانة أخرى، فيجوز للقاضي اعتبار الفعل مبرّرًا ومعفيًّا من العقوبة.

في حالة إهانة شخصيّة خاصة وغير معروفة، لا تنظر المحاكم في القضية إلا بشكوى مُقدمة من قبل الضحية، وهذا يعني أنه في حال لم تقدم الشكوى، لا يوجد عقاب.

لذلك فقط الضحية أو بعبارة أخرى الشخص الذي تم تشويهه أو إهانته يمكنه تقديم شكوى.

إذا تم توجيه الإهانة إلى الموتى، فلا يحق إلا للأقارب من الدرجة الرابعة تقديم شكوى،  أي الأم والأب، أو الأجداد، أو الأبناء، أو الأحفاد والأقارب. لا يوجد شخص آخر لديه القدرة على رفع دعوى، إلا الأقارب أو الورثة الّذين أثبتوا أنهم تعرضوا لأضرار شخصية.

القانون غامض للغاية، عليك أن تختار المصطلحات بعناية عند التعبير عن نفسك وخاصة على شبكات التواصل الاجتماعية. يمكنك التعبير عن نفسك بطريقة قوية من دون الحاجة إلى إهانة أو تشويه الشخص المعني.

Cet article t'a plu? n'hésite pas à le partager

التعليقات (0)