صور | لا يتوقف بحر صور من تصدير كنوزٍ ثمينة للبنان، فبالأمس تكلّمنا عن حُطام السفن الغارقة فيه، وعن الفخار والحجارة الأثرية التي يجدها الغوّاصون في قعر بحر صور. أمّا اليوم، فعلمنا أنّ أسماكًا بحريّة نادرة الوجود صادفها الصيّادون هناك. رائع أليس كذلك؟
لقد تمّ العثور على أسماك من فصيلة “وطاويط البحر” المعروفة علميًّا باسم سمكة الراي وكانت ميتة، لذا تواصل الصيّادون مع جمعية الحياة البحرية والبرية في لبنان لمعاينتها! كيف تبدو هذه الأسماك؟ وماذا سيحدث لها؟ تواصل موقع “يومكُم” مع رئيس الجمعية الدكتور جمال يونس الذي سيخبرنا بكافة التفاصيل.
ما هي أنواع الأسماك التي تمّ العثور عليها؟
عُثر على 6 أنواع مختلفة من أسماك “وطاويط البحر”، وجميعها نادرة الوجودة ولا تعيش في بحر لبنانَ عادةً، وإنّها المرّة الأولى التي أرى فيها مثل هذه الأسماك العملاقة في لبنان. ومنْ بينها “الوطواطُ ذو الذّيلِ الطّويلِ” الّذي يصلُ طولُهُ إلى مترين ووزنُهُ إلى أكثرَ من 100 كيلوغرام، و”وطواطُ النِّسرِ” وهو أشرسُ أنواعِ “وطاويطِ البحرِ”. كما تمَّ العثورُ على المانتا راي وهي من أشهرِ الأنواعِ، ووصلَ عرضُ أجنحتِها إلى مترٍ ونصف. يمكنكم مشاهدة كلّ الأنواع في هذا الفيديو.
كيف تمّ العثور على الأسماك؟
الوطاويط البحريّة هي من فصيلة أسماك القرش، وتعيشُ في المحيطات وأعماقِ البِحارِ، ولكنْ على مدى أسبوع شهد بحر صور نوّة بحريّة (عاصفة بحرية كبيرة)، وعادة عندما يحدث مثل هذه العواصف يدفع البحر الحيوانات التي تكون في الأعماق إلى الشواطئ لكي تحمي نفسها. ويكون الصيّادون بانتظار هذه الفرصة لاصطياد الأسماك الكبيرة كسمكة الغزال أو سمك الكنعد وهي من أنواع سمك التون، فيضعون شباك كبيرة خارج المدينة لكي يلتقطوا هذه الأسماك الكبيرة. ولكن، بهذه الشباك يعلق أيضًا أسماك قرش، وأسماك وطاويط، وأحيانًا دلافين، وسلاحف البحر. في حال كانت هذه الحيوانات على قيد الحياة يعيدها الصيّادون إلى الماء، ولكن في الكثير من الأحيان تعلق هذه الحيوانات في الشباك وتموت، فيعودون بها إلى الشواطئ ويتصلون بي لأعاينها.
“نسعى دائمًا إلى توعية الناس على أهميّة المحافظة على الحياة البحريّة وعدم قتل أو اصطياد الحيوانات النادرة أو المهدّد بالانقراض”.
ماذا تفعل بهذه الحيوانات بعد معاينتها؟
أعيدها إلى البحر في حال كانت هذه الحيوانات لا تزال حيّة وبصحّة جيّدة، لأننا كجمعيّة نسعى دائمًا إلى توعية الناس على أهميّة المحافظة على الحياة البحريّة وعدم قتل أو اصطياد الحيوانات النادرة أو المهدّد بالانقراض. وأريد أن أشير هنا إلى نقطة مهمة جدًّا، لا أقبل أخد الحيوانات التي لا تزال حية لتحنيطها، وفي حال كانت مُصابة بجروح بسبب الشباك التي علقت بها أُعالجها وأُعيدها إلى البحر. وبالنسبة إلى أسماك “وطوايط البحر” التي عُثر عليها فأعمل الآن على تحنيطها كي أضعها في متحف الحياة البحريّة والبريّة.
أين يقع المتحف وعلى ماذا يحتوي؟
أسَّسْتُ المتحف اللبناني للحياة البحرية والبرية الذي يقع في جعيتا في العام 2000 بجُهد فردي وبمالي الخاص. مهنتي الأساسيّة هي طب الأسنان، ولا زلت أمارسها، أمّا هذا المتحف فهو هوايتي لأنني أحب الحيوانات، يساعدني كافة أفراد العائلة. هو عبارة عن متحف يضمّ كنوز لبنان البحرية، ويمتلك شهادة من National Geographic Society ومن Oceanographic Museum of Monaco. نعرض للزّوار منذ 19 عامًا الحيوانات البحرية التي نجدها في بحر لبنان ولا نُحضر حيوانات من خارج البحر الأبيض المتوسط. هدف المتحف الأساس هو نشر التوعية البيئيّة. يحتوي المتحف على أكبر مجموعة من الأسماك التي تتعدّى الخمسين نوعًا. ولدينا أرقام قياسيّة ومنها Lebanese Tiger Shark وأُطلق عليه هذا الاسم لأنه تم العثور عليه في لبنان وهو الأكبر في العالم، طوله 4 أمتار و75 سنتيمترًا، بينما الحجم الطبيعي والمسجل في الكتب العلميّة هو 3 أمتار و75 سنتيمترًا.
بما يتميّز المتحف اللبناني للحياة البحرية والبرّية؟
نحن في هذا المتحف اللبناني نتميّز عن كلّ المتاحف الأخرى في العالم التي تهتمّ بالحيوانات البحريّة. فمُعظم المتاحف تمتلك هياكل عظميّة للحيوانات البحريّة، أو أحواضًا كبيرةً تحتوي على أسماك حيّة، ولكن لا يوجد في العالم متحف يحتفظ بهذا العدد الكبير من الحيوانات المحنّطة. ويمتلك المتحف أرقامًا قياسيّة مثل القرش العملاق الذي تمّ العثور عليه في بحر لبنان، والأخطبوط العملاق الذي عُثر عليه في صور من نوع “غولان” وهي أنثى بلغ وزنها 6 كيلوغرامات، وطولها 1,50 متر، وهي موجودة في المتحف. والوطاويط البحريّة التي عُثر عليها مؤخرًا ستكون موجودة في المتحف فور الانتهاء من عمليّة التحنيط. يأتي العلماء إلى متحفنا لدراسة الحيوانات الموجودة في البحر الأبيض المتوسط من خلاله، إذ إنّ كافة البلاد التي تطلّ على البحر الأبيض المتوسط لا تملك مثل هذا المتحف.
هل لهذا المتحف آثار سلبيّة على البيئة؟
يعتقد الكثير من الناس أنّ تحنيط الحيوانات هو عمل مضرّ بالبيئة، ولكن هذا ليس صحيح نحن نعمل على توعية الزوار من خلال مشاهدة الحيوانات التي تعيش أو كانت تعيش في بحر لبنان، وهو هدف المتحف وهدف الجمعية التي تدير المتحف. نحن لا نصطاد الحيونات، ولا نقتلها لوضعها في المتحف، ولا نحنط حيوانات حيّة أبدًا، بل على العكس تمامًا إذ لدينا خبراء في الجمعية يعالجون الحيوانات البحريّة المُصابة بجروحٍ ومن ثمّ نعيدها إلى البحر. يمكن للناس وللناشطين البيئيين أن يطمأنوا من هذه الناحية، لأننا لا نقتل الحيوانات لتحنيطها أبدًا. وفي حال أَحضر لنا أحدهم نموذجًا ثانيًا من صنف موجود في المتحف فلا نقبله، إذ إنّ تحنيط حيوانٍ واحدٍ يكلّفنا الكثير من الوقت والجهد.
“أسّست هذا المتحف نتيجة حبّي الكبير للحيوانات”.
هل يحظى المتحف باهتمام رسميٍّ؟
للأسف لا يلقى المتحف دعمًا رسميًّا من الدولة بشكل عام، أو من وزارة البيئة بشكل خاص. إذ تُركّز الدولة على الأمور السياسية والاقتصادية وتُهمل العلوم والبيئة. لقد أسّست هذا المتحف نتيجة حبّي الكبير للحيوانات، وحرصت على أن تكون الحيوانات فيها محفوظة ومنظّمة وفقًا للمعايير العالميّة، إن هذا المتحف اللبنانيّ يضاهي أجمل متاحف العالم، وأصرُّ على كونه لبناني لأن كافة الحيوانات الموجودة فيه تم العثور عليها في البحر اللبناني. نسعى من خلال هذا المتحف إلى التفوّق على غيرنا، وجعل لبنان وجهة سياحية وعلمية لا مثيل لها في الشرق الأوسط. ولكن في لبنان، للأسف الشديد، لا نرى تعاونًا إن كان من الجهة السياسية أو الإعلامية، لذا نشكر موقع “يومكُم” على اهتمامه بهذا الموضوع.
التعليقات (0)